كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: مَنْ يَرْجِعُ إلَخْ) أَيْ: ذُو شَوْكَةٍ مُسْلِمٌ يَرْجِعُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي النِّكَاحِ فِي أَوَاخِرِ فَصْلِ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيَ مَنْ لَمْ يَصِلْ لِلْبَلَدِ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ امْتَنَعَ الْإِمَامُ مِنْ تَوْلِيَةِ الْقَاضِي بِبَلَدِهِ وَغَيْرِهَا مُطْلَقًا وَأَيِسَ النَّاسُ مِنْ تَوْلِيَةِ قَاضٍ مِنْ جِهَتِهِ وَتَعَطَّلَتْ أُمُورُهُمْ هَلْ لِأَهْلِ الْحِلِّ، وَالْعَقْدِ مِنْ بَلَدِهِ، أَوْ غَيْرِهَا تَوْلِيَةُ قَاضٍ وَكَذَا لَوْ وَلَّى قَاضِيًا، لَكِنْ مَنَعَهُ مِنْ الْعَمَلِ بِمَسَائِلَ مُعَيَّنَةٍ وَتَعَطَّلَتْ أُمُورُهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا هَلْ لَهُمْ تَوْلِيَةُ قَاضٍ بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْمَسَائِلِ وَلَعَلَّ قِيَاسَ مَا بَحَثَهُ أَنَّ لَهُمْ مَا ذُكِرَ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ الْقَاضِي) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَمْ يُوَلِّ غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ: آنَ لِأَهْلِ الْحِلِّ إلَخْ) جَوَابُ لَوْ وَكَانَ الْأَوْلَى جَازَ لِأَهْلِ إلَخْ.
(وَشَرْطُ الْقَاضِي) أَيْ: مَنْ تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ لِلْقَضَاءِ (مُسْلِمٌ)؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ وَنَصْبُهُ عَلَى مِثْلِهِ مُجَرَّدُ رِيَاسَةٍ لَا تَقْلِيدُ حُكْمٍ وَقَضَاءٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَا يُلْزَمُونَ بِالتَّحَاكُمِ عِنْدَهُ وَلَا يَلْزَمُهُمْ حُكْمُهُ إلَّا إنْ رَضُوا بِهِ (مُكَلَّفٌ) لِنَقْصِ غَيْرِهِ وَاشْتَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ زِيَادَةَ عَقْلٍ اكْتِسَابِيٍّ عَلَى الْعَقْلِ التَّكْلِيفِيِّ، وَقَدْ يُفْهِمُهُ مَا يَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ ذَا يَقَظَةٍ تَامَّةٍ (حُرٌّ) كُلُّهُ لِنَقْصِ غَيْرِهِ بِسَائِرِ أَقْسَامِهِ (ذَكَرٌ) فَلَا تُوَلَّى امْرَأَةٌ وَلَوْ فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَتُهَا وَلَا خُنْثَى لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» وَصَحَّ أَيْضًا «هَلَكَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» (عَدْلٌ) فَلَا يُوَلَّى فَاسِقٌ؛ لِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ وَمِثْلُهُ نَافِي الْإِجْمَاعِ أَوْ خَبَرِ الْوَاحِدِ، أَوْ الِاجْتِهَادِ وَمَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (سَمِيعٌ) فَلَا يُوَلَّى أَصَمُّ، وَهُوَ مَنْ لَا يَسْمَعُ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ مَنْ يَسْمَعُ بِالصِّيَاحِ (بَصِيرٌ) فَلَا يُوَلَّى أَعْمَى وَمَنْ يَرَى الشَّبَحَ، وَلَا يُمَيِّزُ الصُّورَةَ، وَإِنْ قَرُبَتْ، بِخِلَافِ مَنْ يُمَيِّزُهَا إذَا قَرُبَتْ بِحَيْثُ يَعْرِفُهَا وَلَوْ بِتَكَلُّفٍ وَمَزِيدِ تَأَمُّلٍ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ قِرَاءَةِ الْمَكْتُوبِ وَمَنْ يُبْصِرُ نَهَارًا فَقَطْ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ مَنْعَ عَكْسِهِ وَفِي إطْلَاقِهِمَا نَظَرٌ.
وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ فِي زَمَنٍ يُوجَدُ فِيهِ ضَابِطُ الْبَصِيرِ الَّذِي تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ وَفِي غَيْرِهِ لَا يُوجَدُ فِيهِ ذَلِكَ وَاطَّرَدَتْ عَادَتُهُ بِذَلِكَ صَحَّتْ تَوْلِيَتُهُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَلَا يَدْخُلُ تَبَعًا لِلْأَوَّلِ بَلْ يُتَّجَهُ فِي بَصِيرٍ عَرَضَ لَهُ نَحْوُ رَمَدٍ صَيَّرَهُ لَا يُمَيِّزُ إلَّا بِنَحْوِ الصَّوْتِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ لِقُرْبِ زَوَالِهِ مَعَ كَمَالِ مَنْ طَرَأَ لَهُ وَاخْتِيرَ صِحَّةُ وِلَايَةِ الْأَعْمَى؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أُمُورِ الْمَدِينَةِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَيُجَابُ بَعْدَ تَسْلِيمِ صِحَّةِ وُرُودِ الْعُمُومِ الَّذِي فِيهِ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اسْتَخْلَفَهُ لِلنَّظَرِ فِي أُمُورِهَا الْعَامَّةِ مِنْ الْحِرَاسَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لَا فِي خُصُوصِ الْحُكْمِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (نَاطِقٌ) فَلَا يُوَلَّى أَخْرَسُ، وَإِنْ فَهِمَ إشَارَتَهُ كُلُّ أَحَدٍ لِعَجْزِهِ عَنْ تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ كَسَابِقَيْهِ (كَافٍ) لِلْقِيَامِ بِمَنْصِبِ الْقَضَاءِ بِأَنْ يَكُونَ ذَا نَهْضَةٍ وَيَقَظَةٍ تَامَّةٍ وَقُوَّةٍ عَلَى تَنْفِيذِ الْحَقِّ فَلَا يُوَلَّى مُغَفَّلٌ وَمُخْتَلُّ نَظَرٍ بِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ وَجَبَانٌ ضَعِيفُ النَّفْسِ وَفِي الرَّوْضَةِ يُنْدَبُ ذُو حِلْمٍ وَتَثَبُّتٍ وَلِينٍ وَفِطْنَةٍ وَتَيَقُّظٍ وَصِحَّةِ حَوَاسٍّ وَأَعْضَاءٍ.
وَعَدُّهُ الْفَطِنَةَ، وَالتَّيَقُّظَ لَا يُنَافِي مَا قُلْنَاهُ فِي الْيَقَظَةِ التَّامَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ التَّغَفُّلِ وَاخْتِلَالِ الرَّأْيِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَمِنْهَا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ بِحَيْثُ يَرْجِعُ إلَيْهِ الْعُقَلَاءُ فِي رَأْيِهِ وَتَدْبِيرِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَاشْتَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) هُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ ش م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْ: مَنْ تَصِحَّ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: مُطْلَقٌ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِ الشَّارِحِ: وَفِي إطْلَاقِهِمَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَصَحَّ أَيْضًا إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: مُسْلِمٌ إلَخْ) أَيْ: إسْلَامٌ وَكَذَا الْبَاقِي وَهَذَا الشَّرْطُ دَاخِلٌ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ فَلَا يُوَلَّى كَافِرٌ عَلَى مُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} وَلَا سَبِيلَ أَعْظَمُ مِنْ الْقَضَاءِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَنَصْبُهُ عَلَى مِثْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَمَّا جَرَيَانُ عَادَةِ الْوُلَاةِ بِنَصْبِ حَاكِمٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: إنَّمَا هِيَ رِيَاسَةٌ وَزَعَامَةٌ لَا تَقْلِيدُ حُكْمٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَا يُلْزَمُونَ إلَخْ) فَهُوَ كَالْمُحَكَّمِ لَا الْحَاكِمِ. اهـ. زِيَادِيٌّ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: مُكَلَّفٌ) أَيْ: بَالِغٌ عَاقِلٌ فَلَا يُوَلَّى صَبِيٌّ وَلَا مَجْنُونٌ وَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَوْ اشْتَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَاشْتِرَاطُ الْمَاوَرْدِيِّ زِيَادَةَ عَقْلٍ اكْتِسَابِيٍّ عَلَى الْعَقْلِ الْغَرِيزِيِّ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ. اهـ.
قَالَ الرَّشِيدِيُّ: قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ عِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ: وَلَا يُكْتَفَى بِالْعَقْلِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكْلِيفُ حَتَّى يَكُونَ صَحِيحَ التَّمْيِيزِ جَيِّدَ الْفَطِنَةِ بَعِيدًا عَنْ السَّهْوِ، وَالْغَفْلَةِ لِيَتَوَصَّلَ إلَى إيضَاحِ الْمُشْكِلِ وَحَلِّ الْمُعْضِلِ انْتَهَتْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الَّذِي اشْتَرَطَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَابُدَّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الْعَقْلِ التَّكْلِيفِيِّ الَّذِي هُوَ التَّمْيِيزُ غَيْرُ كَافٍ قَطْعًا مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ سَيَجْزِمُ بِمَا اشْتَرَطَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: كَافٍ حَيْثُ يَقُولُ بِأَنْ يَكُونَ ذَا يَقَظَةٍ تَامَّةٍ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَا تُوَلَّى امْرَأَةٌ وَلَوْ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى الرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ جَوَّزَهُ حِينَئِذٍ وَعَلَى ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ حَيْثُ جَوَّزَهُ مُطْلَقًا. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَا خُنْثَى) إلَى قَوْلِهِ: وَفِي إطْلَاقِهِمَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَصَحَّ أَيْضًا إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا خُنْثَى إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فِي ذَلِكَ كَالْمَرْأَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ فَلَوْ وَلِيَ، ثُمَّ بَانَ رَجُلًا لَمْ يَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ صَرَّحَ بِهِ الْبَحْرُ وَقَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَيُحْتَاجُ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ، أَمَّا إذَا بَانَتْ ذُكُورَتُهُ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ. اهـ.
وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ، وَالنِّهَايَةِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَهُوَ مَنْ يُعْرَفُ إلَخْ مَا يُخَالِفُهُ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: عَدْلٌ) وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ بَيَانُهُ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ: الْفَاسِقُ. اهـ. ع ش.
عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالرَّوْضِ وَلَا يُوَلَّى مُبْتَدِعٌ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَلَا مَنْ يُنْكِرُ الْإِجْمَاعَ، أَوْ أَخْبَارَ الْآحَادِ، أَوْ الِاجْتِهَادَ الْمُتَضَمِّنَ إنْكَارُهُ إنْكَارَ الْقِيَاسِ. اهـ.
أَيْ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ تَقْلِيدُ مُبْتَدِعٍ إلَخْ أَسْنَى.
(قَوْلُهُ: وَمَحْجُورٌ عَلَيْهِ إلَخْ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْقَضَاءِ التَّصَرُّفُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ قَالَ: وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الْقَبُولِ إلَّا فِيمَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ فَلَا يُوَلَّى أَعْمَى إلَخْ) خَرَجَ بِالْأَعْمَى الْأَعْوَرُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَفِي إطْلَاقِهِمَا) أَيْ: صِحَّةِ مَنْ يُبْصِرُ نَهَارًا فَقَطْ وَعَدَمِ صِحَّةِ مَنْ يُبْصِرُ لَيْلًا فَقَطْ وَجَرَى النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي عَلَى الْإِطْلَاقِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ مَتَى كَانَ) أَيْ: مَنْ يُرَادُ نَصْبُهُ قَاضِيًا.
(قَوْلُهُ: صَحَّتْ تَوْلِيَتُهُ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ يُبْصِرُ نَهَارًا فَقَطْ تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ إذَا وَلِيَ فِي النَّهَارِ وَيَنْفُذُ حُكْمُهُ فِيهِ دُونَ اللَّيْلِ، وَمَنْ يُبْصِرُ لَيْلًا فَقَطْ تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ إذَا وَلِيَ فِي اللَّيْلِ وَيَنْفُذُ حُكْمُهُ فِيهَا دُونَ النَّهَارِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ فِيهِ) أَيْ: فِي زَمَنِ عَدَمِ التَّمْيِيزِ.
(قَوْلُهُ: وَاخْتِيرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ «اسْتَخْلَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ أَعْمَى» وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ بِصِحَّةِ وِلَايَةِ الْأَعْمَى أُجِيبُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَخْلَفَهُ فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ دُونَ الْحُكْمِ.
تَنْبِيهٌ:
لَوْ سَمِعَ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ، ثُمَّ عَمِيَ قَضَى فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَاسْتُثْنِيَ أَيْضًا لَوْ نَزَلَ أَهْلُ قَلْعَةٍ عَلَى حُكْمِ أَعْمَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَحَلِّهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا فِي خُصُوصِ الْحُكْمِ إلَخْ) الْأَوْلَى دُونَ الْحُكْمِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُوَلَّى أَخْرَسُ) إلَى قَوْلِهِ: وَجَبَانٌ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ: وَعَدَّهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: فِي الرَّوْضَةِ.
(قَوْلُهُ: وَجَبَانٌ ضَعِيفُ النَّفْسِ) فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَكُونُ عَالِمًا دَيِّنًا وَنَفْسُهُ ضَعِيفَةٌ عَنْ التَّنْفِيذِ، وَالْإِلْزَامِ، وَالسَّطْوَةِ فَيُطْمَعُ فِي جَانِبِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَصِحَّةُ حَوَاسٍّ وَأَعْضَاءٍ) وَأَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِلُغَةِ الْبَلَدِ الَّذِي يَقْضِي لِأَهْلِهِ قَنُوعًا سَلِيمًا مِنْ الشَّحْنَاءِ صَدُوقًا وَافِرَ الْعَقْلِ ذَا وَقَارٍ وَسَكِينَةٍ قُرَشِيًّا وَمُرَاعَاةُ الْعِلْمِ، وَالتُّقَى أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ النَّسَبِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَعَدَّهُ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ.
(قَوْلُهُ: مَا قُلْنَاهُ فِي الْيَقَظَةِ التَّامَّةِ) أَيْ: مِنْ إدْخَالِهَا فِي تَفْسِيرِ الْكِفَايَةِ الْوَاجِبَةِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا إلَخْ) كَيْفَ يُرَادُ بِالْيَقَظَةِ التَّامَّةِ أَصْلُ التَّيَقُّظِ وَبِالتَّيَقُّظِ الْمُطْلَقِ كَمَالُهُ؟ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سَيِّدَ عُمَر.
(مُجْتَهِدٌ) فَلَا يَصِحُّ تَوْلِيَةُ جَاهِلٍ وَمُقَلِّدٍ، وَإِنْ حَفِظَ مَذْهَبَ إمَامِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ إدْرَاكِ غَوَامِضِهِ وَتَقْرِيرِ أَدِلَّتِهِ؛ إذْ لَا يُحِيطُ بِهِمَا إلَّا مُجْتَهِدٌ مُطْلَقٌ قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: إسْلَامٌ إلَى آخِرِهِ، أَوْ كَوْنُهُ مُسْلِمًا إلَى آخِرِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ لَا الشَّخْصُ نَفْسُهُ. اهـ.
وَيُرَدُّ بِوُضُوحِ أَنَّ الْمُرَادَ بِتِلْكَ الصِّيَغِ مَا أَشْعَرَتْ بِهِ مِنْ الْوَصْفِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ كَاتِبًا وَاشْتَرَطَهُ جَمْعٌ وَاخْتِيرَ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَأَكَّدُ نَدْبُ ذَلِكَ، وَلَا كَوْنُهُ عَارِفًا بِالْحِسَابِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ الْحِسَابِيَّةِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ اشْتِرَاطَهُ فِي الْمُفْتِي فَالْقَاضِي أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُفْتٍ وَزِيَادَةٌ وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَصْوِيبُ ابْنِ الرِّفْعَةِ خِلَافَهُ، وَقَدْ يُجْمَعُ بِحَمْلِ الِاشْتِرَاطِ عَلَى الْمَسَائِلِ الْغَالِبِ وُقُوعُهَا وَعَدَمِهِ عَلَى ضِدِّهَا وَوَجْهُهُ أَنَّ رُجُوعَهُ لِغَيْرِهِ فِي تِلْكَ يَشُقُّ عَلَى الْخُصُومِ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ، وَلَا مَعْرِفَتُهُ بِلُغَةِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ أَيْ: وَعَكْسُهُ وَمَحِلُّهُمَا إنْ كَانَ ثَمَّ عَدْلٌ يُعَرِّفُهُ بِلُغَتِهِمْ، وَيُعَرِّفُهُمْ بِلُغَتِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.
وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْعُقُودِ أَنَّ الْمَدَارَ فِيهَا عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا عَلَى مَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ أَنَّهُ لَوْ وَلَّى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ اجْتِمَاعَ تِلْكَ الشُّرُوطِ فِيهِ ثَمَّ بَانَتْ فِيهِ صَحَّتْ تَوْلِيَتُهُ فَقَوْلُ جَمْعٍ لَا يَصِحُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَلِلْمُوَلِّي إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي الصَّالِحِ عَلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَارِفَيْنِ بِمَا ذُكِرَ، وَيُسَنُّ لَهُ اخْتِبَارُهُ لِيَزْدَادَ فِيهِ بَصِيرَةً.
(وَهُوَ) أَيْ: الْمُجْتَهِدُ (مَنْ يَعْرِفُ مِنْ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ) وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ وَلَا يَنْحَصِرُ فِي خَمْسمِائَةِ آيَةٍ وَلَا خَمْسمِائَةِ حَدِيثٍ خِلَافًا لِزَاعِمَيْهِمَا، أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّهَا تُسْتَنْبَطُ حَتَّى مِنْ آيِ الْقَصَصِ، وَالْمَوَاعِظِ وَغَيْرِهِمَا وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ قَاضِيَةٌ بِبُطْلَانِهِ، فَإِنْ أَرَادَ قَائِلُهُ الْحَصْرَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ السَّالِمَةِ مِنْ طَعْنٍ فِي سَنَدٍ، أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ الْأَحْكَامِ الْخَفِيَّةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ كَانَ لَهُ نَوْعٌ مِنْ الْقُرْبِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ أَنَّهَا ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّ غَالِبَ الْأَحَادِيثِ لَا يَكَادُ يَخْلُو عَنْ حُكْمٍ، أَوْ أَدَبٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ سِيَاسَةٍ دِينِيَّةٍ وَيَكْفِي اعْتِمَادُهُ فِيهَا عَلَى أَصْلٍ مُصَحَّحٍ عِنْدَهُ يَجْمَعُ غَالِبَ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ كَسُنَنِ أَبِي دَاوُد أَيْ: مَعَ مَعْرِفَةِ اصْطِلَاحِهِ وَمَا لِلنَّاسِ فِيهِ مِنْ نَقْدٍ، وَرَدٍّ فِيمَا يَظْهَرُ (وَعَامَّهُ) رَاجِعٌ لِمَا مُطْلَقًا، أَوْ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْعُمُومُ (وَخَاصَّهُ) مُطْلَقًا، أَوْ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ وَمُطْلَقَهُ وَمُقَيَّدَهُ (وَمُجْمَلَهُ وَمُبَيِّنَةَ وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ)، وَالنَّصَّ، وَالظَّاهِرَ، وَالْمُحْكَمَ (وَمُتَوَاتِرَ السُّنَّةِ وَغَيْرَهُ)، وَهُوَ آحَادُهَا؛ إذْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّرْجِيحِ عِنْدَ تَعَارُضِهَا إلَّا بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ (وَ) الْحَدِيثَ (الْمُتَّصِلَ) بِاتِّصَالِ رُوَاتِهِ إلَى الصَّحَابِيِّ فَقَطْ، وَيُسَمَّى الْمَوْقُوفَ، أَوْ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُسَمَّى الْمَرْفُوعَ (وَالْمُرْسَلَ)، وَهُوَ مَا يَسْقُطُ فِيهِ الصَّحَابِيُّ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمُعْضَلَ أَوْ الْمُنْقَطِعَ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالْمُتَّصِلِ (وَحَالَ الرُّوَاةِ قُوَّةً وَضَعْفًا)؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَتَوَصَّلُ إلَى تَقْرِيرِ الْأَحْكَامِ، نَعَمْ مَا تَوَاتَرَ نَاقِلُوهُ، أَوْ أَجْمَعَ السَّلَفُ عَلَى قَبُولِهِ لَا يَبْحَثُ عَنْ عَدَالَةِ نَاقِلِيهِ وَلَهُ الِاكْتِفَاءُ بِتَعْدِيلِ إمَامٍ عَرَفَ صِحَّةَ مَذْهَبِهِ فِي الْجَرْحِ، وَالتَّعْدِيلِ.